يعتبر الصراع الأذربيجاني - الأرميني، من الصراعات الدولية المؤجلة، التي تهدأ تارة وتعود تارة إلى واجهة الأحداث في المنطقة الأوراسية، التي اعتبرها خبراء ومحللون، مثل الخبير الإستراتيجي الأمريكي الشهير زبغنيو بريجنسكي قلب العالم، لذا فإن التركيز على هذه المنطقة على المستوى الإستراتيجي في ظل الحرب الروسية في أوكرانيا في غاية الأهمية في هذه الظروف الاستثنائية على المستوى الدولي.
«عكاظ»، حاورت الخبير في شؤون آسيا وأورواسيا «ليو ويغر»، وهو شريك في مؤسسة (كانديد)، وهي مركز أبحاث مستقل وغير حزبي مقره في برلين، الذي لفت إلى إمكانية دور إيجابي خليجي وسعودي في أزمة «ناغورنو كاراباخ»، في ظل الدبلوماسية السعودية الدولية في هذه الأوقات.
واعتبر أن المملكة العربية السعودية بعلاقاتها الدولية، خصوصاً مع أذربيجان، من شأنها أن تكون وسيطاً نزيهاً لحل الصراع الأذربيجاني - الأرميني، خصوصاً أن هناك علاقات تاريخية بين الأرمن في الشرق الأوسط والعرب.. إلى تفاصيل الحوار:
• هناك محاولات إقليمية لتقريب وجهات النظر وتحقيق سلام دائم بين أذربيجان وأرمينيا، هل من الممكن تحقيق السلام ؟ •• ربما الوقت الراهن هو فرصة حيوية لفرض معاهدة سلام طويلة الأجل ومستقرة، هو أفضل من أي وقت مضى، فمن الناحية النظرية، يريد كلا البلدين السلام، وهناك تفاهم من كلا الجانبين على أن قوات حفظ السلام الروسية، التي من المفترض حالياً أن تؤمن وقف إطلاق النار في ناغورني كاراباخ، لن تسهم إلا قليلاً في تحقيق الاستقرار على المدى الطويل، نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا.
• كيف أثرت حرب أوكرانيا على جنوب القوقاز ؟
•• روسيا غير قادرة حالياً على أداء دورها طويل الأمد كقوة إقليمية للنظام، بسبب تطورات الحرب الروسية في أوكرانيا، وأرمينيا ابتعدت عن روسيا واقتربت أكثر نحو الغرب، ولطالما اتبعت أذربيجان سياسة خارجية متعددة الأقطاب، وإلى حد ما تركز في المقام الأول على شراكة وثيقة مع تركيا.
تراجع الدور الروسي في هذه الأزمة نتيجة الحرب الأوكرانية، قد يفتح آفاق سلام دائم، لكن في الوقت ذاته هناك تحذير من إحساس أذربيجان بالقوة نتيجة التفوق العسكري، خصوصاً بعد الانتصار بحرب 2020، ولذلك هناك القليل من الرغبة في باكو لمنح تنازلات لأرمينيا. ودون هذه التنازلات، سيكون من الصعب تحقيق السلام على المدى الطويل.
• ما مطالب البلدين التي لا تزال تقف في طريق السلام ؟
•• هناك قضايا ترسيم الحدود الدقيقة وطرق النقل التي لم يتم حلها أبداً منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، أذربيجان تريد طرق نقل آمنة إلى منطقة ناخيشيفان عبر الأراضي الأرمينية، كما تم تضمين مثل هذا الممر (زانقيزور) أيضاً في اتفاقية وقف إطلاق النار 2020، على الرغم من عدم تحديد شكله الدقيق.
وفي المقابل، فإن مسألة طرق الوصول إلى ناغورني كاراباخ، هي نقطة ضغط أخرى، وأرمينيا كانت مرتبطة سابقاً بالأرمن في كاراباخ عبر ممر لاتشين. وتسد أذربيجان حالياً هذا الممر لأنها تريد إجبار الأرمن المتبقين في كاراباخ على استخدام طرق النقل عبر أذربيجان بدلاً من ذلك، وبالتالي الاعتراف بهيمنة باكو على ناغورني كاراباخ.
• يواصل الانفصاليون الأرمن السيطرة على أجزاء كبيرة من ناغورني كاراباخ، كيف يبدو الوضع المستقبلي للجالية الأرمينية هناك ؟
•• قد تكون هناك مفاجأة، ولكن في الواقع كلا الجانبين ليسا بعيدين عن تحقيق انفراجة بشأن هذه القضية الأساسية للصراع إذا تخلى الجانب الأرميني إلى حد كبير عن مطالبته بالسيطرة الإقليمية على ناغورني كاراباخ.
وبدلاً من ذلك، فان الأمر يتعلق بإيجاد حل يضمن للأرمن الحقوق الأساسية في ناغورني كاراباخ داخل أذربيجان، دون منحهم وضعهم المستقل. ولكن وبعد سنوات من الصراع وتشريد مئات الآلاف من الناس بالكاد توجد ثقة متبادلة، وهذا هو المكان الذي يحتاج فيه إلى شركاء دوليين. كما يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أيضاً استخدام علاقاتها الجيدة والدبلوماسية في المنطقة لتسليط الضوء على فوائد اتفاق السلام على كلا الجانبين.
في ما يتعلق بقضايا مثل سياسة الطاقة وإدارة المياه وغيرها الكثير، فإن الحدود المفتوحة، بما في ذلك مع تركيا، من شأنها أن تطلق العنان لإمكانات اقتصادية كبيرة. السلام سيستفيد منه العديد. ولكن أيضاً في حال إذا لم يتم اغتنام الفرصة التاريخية الحالية للسلام، فهناك تهديد بتجدد دوامة العنف، بما في ذلك المزيد من عمليات الطرد العرقي.
• ما أبعاد الصراع دولياً في هذه البقعة ؟
•• نزاع كاراباخ هو من ناحية صراع محلي، ولكن من ناحية أخرى تشارك العديد من الجهات الفاعلة الدولية، روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا العظمى وإسرائيل وحتى باكستان والهند، دول نشطة جداً دبلوماسياً في ناغورني كاراباخ، وغالباً ما ترتبط اقتصادياً وعسكرياً بأحد طرفي النزاع. ولذلك وفي وسط هذا الوضع الجيوسياسي المتوتر على نطاق واسع، يمكن أن يتصاعد العنف المتجدد بسرعة إلى حرب إقليمية. جنوب القوقاز كان مختبراً للحرب الحديثة. شهدت حرب 2020، بالفعل استخدام مجموعة واسعة من تكنولوجيا الأسلحة المتقدمة، إضافة إلى الطائرات دون طيار القتالية التركية والإيرانية. ربما كانت أول حرب في التاريخ تقررها تكنولوجيا الطائرات دون طيار.
• في ظل الدبلوماسية السعودية الدولية النشطة.. كيف ترى بشكل عام دورها في مناطق القوقاز ؟
•• جنوب القوقاز ليس فقط الحديقة الأمامية لأوروبا، ولكن أيضاً الحديقة الأمامية للشرق الأوسط. قبل تقدم الإمبراطورية الروسية في أوائل القرن التاسع عشر، كانت المنطقة تاريخياً جزءاً من إمبراطوريات الشرق الأوسط.
هناك أساس ثقافي وتاريخي مشترك قوي للقيم، على الرغم من أن العديد من العرب اليوم قد يعرفون منطقة جنوب القوقاز في المقام الأول كسياح ومنتجع صيفي. واليوم، العلاقات بين أذربيجان والمملكة العربية السعودية وثيقة بشكل خاص.
كما أن أرمينيا والعالم العربي لديهما أيضا تاريخ مشترك غني وناجح. يجسد ذلك تاريخ المجتمعات الأرمينية في مصر أو لبنان أو سورية.
يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً السعودية، منع نشوب حرب جديدة وممارسة تأثيرها البناء على جميع الجهات الفاعلة.
كما أن بإمكان الدول العربية تحويل الحديقة السوداء (كاراباخ) من ساحة معركة محتملة للمواجهة الجيوسياسية إلى منظر طبيعي مزدهر ومواصلة دورها في التجارة والتنوع العالمي.
«عكاظ»، حاورت الخبير في شؤون آسيا وأورواسيا «ليو ويغر»، وهو شريك في مؤسسة (كانديد)، وهي مركز أبحاث مستقل وغير حزبي مقره في برلين، الذي لفت إلى إمكانية دور إيجابي خليجي وسعودي في أزمة «ناغورنو كاراباخ»، في ظل الدبلوماسية السعودية الدولية في هذه الأوقات.
واعتبر أن المملكة العربية السعودية بعلاقاتها الدولية، خصوصاً مع أذربيجان، من شأنها أن تكون وسيطاً نزيهاً لحل الصراع الأذربيجاني - الأرميني، خصوصاً أن هناك علاقات تاريخية بين الأرمن في الشرق الأوسط والعرب.. إلى تفاصيل الحوار:
• هناك محاولات إقليمية لتقريب وجهات النظر وتحقيق سلام دائم بين أذربيجان وأرمينيا، هل من الممكن تحقيق السلام ؟ •• ربما الوقت الراهن هو فرصة حيوية لفرض معاهدة سلام طويلة الأجل ومستقرة، هو أفضل من أي وقت مضى، فمن الناحية النظرية، يريد كلا البلدين السلام، وهناك تفاهم من كلا الجانبين على أن قوات حفظ السلام الروسية، التي من المفترض حالياً أن تؤمن وقف إطلاق النار في ناغورني كاراباخ، لن تسهم إلا قليلاً في تحقيق الاستقرار على المدى الطويل، نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا.
• كيف أثرت حرب أوكرانيا على جنوب القوقاز ؟
•• روسيا غير قادرة حالياً على أداء دورها طويل الأمد كقوة إقليمية للنظام، بسبب تطورات الحرب الروسية في أوكرانيا، وأرمينيا ابتعدت عن روسيا واقتربت أكثر نحو الغرب، ولطالما اتبعت أذربيجان سياسة خارجية متعددة الأقطاب، وإلى حد ما تركز في المقام الأول على شراكة وثيقة مع تركيا.
تراجع الدور الروسي في هذه الأزمة نتيجة الحرب الأوكرانية، قد يفتح آفاق سلام دائم، لكن في الوقت ذاته هناك تحذير من إحساس أذربيجان بالقوة نتيجة التفوق العسكري، خصوصاً بعد الانتصار بحرب 2020، ولذلك هناك القليل من الرغبة في باكو لمنح تنازلات لأرمينيا. ودون هذه التنازلات، سيكون من الصعب تحقيق السلام على المدى الطويل.
• ما مطالب البلدين التي لا تزال تقف في طريق السلام ؟
•• هناك قضايا ترسيم الحدود الدقيقة وطرق النقل التي لم يتم حلها أبداً منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، أذربيجان تريد طرق نقل آمنة إلى منطقة ناخيشيفان عبر الأراضي الأرمينية، كما تم تضمين مثل هذا الممر (زانقيزور) أيضاً في اتفاقية وقف إطلاق النار 2020، على الرغم من عدم تحديد شكله الدقيق.
وفي المقابل، فإن مسألة طرق الوصول إلى ناغورني كاراباخ، هي نقطة ضغط أخرى، وأرمينيا كانت مرتبطة سابقاً بالأرمن في كاراباخ عبر ممر لاتشين. وتسد أذربيجان حالياً هذا الممر لأنها تريد إجبار الأرمن المتبقين في كاراباخ على استخدام طرق النقل عبر أذربيجان بدلاً من ذلك، وبالتالي الاعتراف بهيمنة باكو على ناغورني كاراباخ.
• يواصل الانفصاليون الأرمن السيطرة على أجزاء كبيرة من ناغورني كاراباخ، كيف يبدو الوضع المستقبلي للجالية الأرمينية هناك ؟
•• قد تكون هناك مفاجأة، ولكن في الواقع كلا الجانبين ليسا بعيدين عن تحقيق انفراجة بشأن هذه القضية الأساسية للصراع إذا تخلى الجانب الأرميني إلى حد كبير عن مطالبته بالسيطرة الإقليمية على ناغورني كاراباخ.
وبدلاً من ذلك، فان الأمر يتعلق بإيجاد حل يضمن للأرمن الحقوق الأساسية في ناغورني كاراباخ داخل أذربيجان، دون منحهم وضعهم المستقل. ولكن وبعد سنوات من الصراع وتشريد مئات الآلاف من الناس بالكاد توجد ثقة متبادلة، وهذا هو المكان الذي يحتاج فيه إلى شركاء دوليين. كما يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أيضاً استخدام علاقاتها الجيدة والدبلوماسية في المنطقة لتسليط الضوء على فوائد اتفاق السلام على كلا الجانبين.
في ما يتعلق بقضايا مثل سياسة الطاقة وإدارة المياه وغيرها الكثير، فإن الحدود المفتوحة، بما في ذلك مع تركيا، من شأنها أن تطلق العنان لإمكانات اقتصادية كبيرة. السلام سيستفيد منه العديد. ولكن أيضاً في حال إذا لم يتم اغتنام الفرصة التاريخية الحالية للسلام، فهناك تهديد بتجدد دوامة العنف، بما في ذلك المزيد من عمليات الطرد العرقي.
• ما أبعاد الصراع دولياً في هذه البقعة ؟
•• نزاع كاراباخ هو من ناحية صراع محلي، ولكن من ناحية أخرى تشارك العديد من الجهات الفاعلة الدولية، روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا العظمى وإسرائيل وحتى باكستان والهند، دول نشطة جداً دبلوماسياً في ناغورني كاراباخ، وغالباً ما ترتبط اقتصادياً وعسكرياً بأحد طرفي النزاع. ولذلك وفي وسط هذا الوضع الجيوسياسي المتوتر على نطاق واسع، يمكن أن يتصاعد العنف المتجدد بسرعة إلى حرب إقليمية. جنوب القوقاز كان مختبراً للحرب الحديثة. شهدت حرب 2020، بالفعل استخدام مجموعة واسعة من تكنولوجيا الأسلحة المتقدمة، إضافة إلى الطائرات دون طيار القتالية التركية والإيرانية. ربما كانت أول حرب في التاريخ تقررها تكنولوجيا الطائرات دون طيار.
• في ظل الدبلوماسية السعودية الدولية النشطة.. كيف ترى بشكل عام دورها في مناطق القوقاز ؟
•• جنوب القوقاز ليس فقط الحديقة الأمامية لأوروبا، ولكن أيضاً الحديقة الأمامية للشرق الأوسط. قبل تقدم الإمبراطورية الروسية في أوائل القرن التاسع عشر، كانت المنطقة تاريخياً جزءاً من إمبراطوريات الشرق الأوسط.
هناك أساس ثقافي وتاريخي مشترك قوي للقيم، على الرغم من أن العديد من العرب اليوم قد يعرفون منطقة جنوب القوقاز في المقام الأول كسياح ومنتجع صيفي. واليوم، العلاقات بين أذربيجان والمملكة العربية السعودية وثيقة بشكل خاص.
كما أن أرمينيا والعالم العربي لديهما أيضا تاريخ مشترك غني وناجح. يجسد ذلك تاريخ المجتمعات الأرمينية في مصر أو لبنان أو سورية.
يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً السعودية، منع نشوب حرب جديدة وممارسة تأثيرها البناء على جميع الجهات الفاعلة.
كما أن بإمكان الدول العربية تحويل الحديقة السوداء (كاراباخ) من ساحة معركة محتملة للمواجهة الجيوسياسية إلى منظر طبيعي مزدهر ومواصلة دورها في التجارة والتنوع العالمي.